نجوم القارة السمراء : أفريقيا لا يجب أن تكون المختبر الوحيد لتجريب علاجات كورونا

0

أدان نجوم كرة عالميون من أصول إفريقية التصريحات العنصرية التي أدلى بها طبيبان فرنسيان شهيران، والتي دعيا فيها إجراء تجارب على أدوية ولقاحات ضد فيروس كورونا (كوفيد- 19) على المرضى المصابين به في إفريقيا دون باقي قارات العالم، وهي التعليقات التي فتحت الملفات السوداء للتجارب العلمية الفرنسية إبان الحقبة الاستعمارية في القارة السوداء.

وبحسب دورية أفريكا ريبورت المتخصصة في الشأن الإفريقي، قال اللاعب الدولي الإيفوري السابق، ديدييه دروجبا في تغريدة على موقع تويتر”لم يعد منطقيا أن نستمر في قبول هذا”، في رده على التعليقات العنصرية التي قالها الفرنسيان جين بول- ميرا وكاميل لوشت وأثارت هذا الأسبوع موجة من السخط والجدل في الأوساط العلمية.

- الإعلانات -

وتابع لاعب نادي تشيلسي المعتزل في تغريداته التي كتبها باللغتين الفرنسية والإنجليزية “أفريقيا ليست معملاً، وأود أن أشجب مثل هذه الكلمات المهينة والمغلوطة والتي تحمل عنصرية ناقعة… فلا تنظروا إلى الناس الأفارقة كما لو كانوا خنازيز تجارب معملية إنه لأمر مثير للغثيان… وقادة إفريقيا يتحملون مسؤولية حماية شعوبهم من تلك المؤامرات المروعة”.

- الإعلانات -

ومن جانبه، نظر اللاعب الفرنسي السنغالي المولد، ديمبا با، القضية من منظور أكثر اتساعاً يتعلق بمفهوم تفوق الجنس الأبيض، وقال تعليقا على ذلك “مرحباً بكم في الغرب… حيث يعتقد الناس البيض في أنفسهم أنهم متفوقون للغاية، وحيث تصبح العنصرية والغباء أمرين شائعين.”

أما اللاعب الكاميروني الشهير صامويل إيتو، فلم يتمالك نفسه وجاء رد فعله غاضباً بتوجيه سباب مباشر لهما.

ورغم اعتذار الطبيبين الفرنسيين عن التصريحات العنصرية، فإن موجة الغضب الشديدة التي بدت في تعليقات اللاعبين المشاهير دروجبا، وبا، وإيتو امتدت إلى أعداد غفيرة أخرى في المجتمع الفرنسي من ذوي الجذور الإفريقية، وفتحت ملفات التجارب التقليدية التي درجت فرنسا على إجرائها في مستعمراتها السابقة، فعلى سبيل المثال ما حدث في الفترة ما بين عامي 1921 و1956، حيث أرغمت الحكومات الاستعمارية الفرنسية ملايين المواطنين الأفارقة “لتلقي علاجات وحقن بأدوية وعقاقير مشكوك فيها وذات أعراض جانبية خطيرة من بينها العمى والغرغرينا والموت”.

وتشير التجارب إلى تاريخ طويل ومرعب للقوى الاستعمارية الغربية من الانتهاكات التي مورست ضد شعوب الدول الإفريقية من خلال إجراء التجارب العلمية والدوائية على البشر، كان الفصل الأكثر إظلاما ما قام به الطبيب الأميركي جيه ماريون سيمز، في القرن التاسع عشر، الذي يعود له الفضل في كثير من البحوث والتطور التي طرأت على مجالات طب النساء والتوليد. وقد أجرى سيمز تجاربه بدون مخدر على سيدة سوداء مستعبدة لفترة استمرت إلى ما لا يقل عن 30 عاماً.

ويرى مراقبون أنه لم يكن هناك توقيت أسوأ من ذلك الذي خرجت فيه تعليقات الطبيبين ميرا ولوشت، ويعود ذلك لسببين أولهما؛ أن هناك رأياً منذ اندلاع وباء “كوفيد- 19” وتحوله إلى جائحة تهدد الصحة العامة عالمياً يقول إن الأوضاع تتطلب حلاً عالمياً: “فاللقاحات يتعين تجريبها لكي تلائم المواطنين في كل قارة حدثت فيها حالات إصابة”.

ويستشهد ذلك الرأي بما قالته مجلة “لانسيت” العلمية الرصينة، بأن هناك حاجة لعلاجات يتم إعدادها وفق سياق وطني معين “فالتدخلات يجب أن تكون متاحة ومناسبة في سعرها، وملائمة لأنظمة الرعاية الصحية والتعداد السكاني الذي ستقدم له”.

كما أن هناك اختلافاً كبيراً في السياق الذي خرجت منه دعوة منظمة الصحة العالمية التي طلبت بضرورة إجراء تجارب على اللقاحات والأدوية من منظور تعاوني دولي، وبين كلمات الطبيب الفرنسي ميرا الذي اقترح إجراء تلك التجارب على نوعية الناس الأكثر تعرضاً للإصابة ولا يقومون بوقاية أنفسهم، وكان يقصد بكلامه بائعات الهوى الإفريقيات.
ووصف مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسيس، الإثيوبي الأصل، التصريحات بـ”العنصرية” قائلاً ” إن إفريقيا لا يمكن ولا يجب أن تكون موضعاً لتجريب أي لقاح”.
والسبب الثاني، أن تعليقات ميرا ولوشت خرجت في الأسبوع ذاته الذي أعلنت فيه جمهورية الكونغو الديمقراطية أن مواطنيها سوف يشاركون في تجارب للقاحات ضد فيروس “كوفيد- 19″، وهو نفس الأسبوع الذي أعلن فيه البنك الدولي تقديم منحة قيمتها 47 مليون دولار لجمهورية الكونغو الديمقراطية لدعم حالة الطوارئ لمواجهة وباء كورونا فيروس، وأثار هذا التزامن بين الحدثين انتقادات لقيادة الكونغو الديمقراطية بدعوى أنها قررت تقديم شعبها وقوداً لتجارب لقاحات فيروس كورونا.

ويرى فريق أنه ليس هناك ما يضير أن يضع مواطنون من القارة أنفسهم رهناً لتجارب الأدوية واللقاحات، شريطة أن يتم ذلك في ظل إرشادات واضحة ومفصلة وشفافة معلنة من منظمة الصحة العالمية، وإذا فعل المواطنون هكذا فإنه سيمكن الباحثين من إيجاد علاجات فعالة لاحتياجات الكثير من المواطنين المحرومين من رفاهية الدخول في “سياسية التباعد الاجتماعي” مثلما يحدث في البلدان الغربية الثرية.

ويثني هذا الفريق على مثل هذا الإجراء بوصفة مشاركة مجتمعية محمودة وليست خضوعاً لتجارب علمية.
لكن فريقاً آخر من المراقبين يرصد وجود ميول عدائية شديدة وشكوك عميقة تجاه سياسيي القارة الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى بوجه عام، مؤكدين أن تلك الميول لها ما يدعمها من أسانيد في ضوء تجارب الشعوب مع العديد من سياسيي القارة الذين أظهروا تجاهلاً وإهمالاً لمنظومات الرعاية الصحية لعقود طويلة، فضلاً عن عدم ثقتهم في تلك النظومات ولجوئهم إلى مستشفيات النخبة في أوروبا طلباً للعلاج وإجراء الفحوص الطبية الدورية.

ويلفت المراقبون إلى أن ذلك يفسر لنا لماذا جاءت ردود الفعل الغاضبة حيال التصريحات العنصرية على لسان مشاهير رياضيين أفارقة، بينما صدرت تصريحات خجولة على لسان بعض السياسيين الأفارقة من دول جنوب الصحراء، وآثر آخرون ازاءها صمت الحملان.

-الإعلانات-

اترك تعليقا

قد يعجبك أيضًا