معجزة «كتيبة الإينكا» التي حولت ريكاردو جاريكا من ملعون إلى بطل في بيرو

0

من غرابة كرة القدم أنها وحدها دون غيرها يمكنها أن تحولك من محب إلى كاره من معلون إلى أيقونه، «الكرة» ذلك الجنون الذي يذهل الجماهير، يدفعها لمزيد من التناقضات والمشاعر المتضاربة للتعاطف في أوقات كثيرة مع لاعب قتلهم يوماً ما لأنه أصبح اليوم بينهم واحداً منهم يصنع مجداً بعد عار كان قد ألحقه بهم.

لو قولت لأي مشجع في بيرو «جاريكا» سيأتي إلى هنا بعد يومين بتعبيرات وجهه فقط ستدرك الخطأ الذي ارتكبته لكن ماذا لو قولت أنه صار مدرباً لـ«بيرو» يوم ما كانت البيرو والأرجنتين في منافسة على بطاقة كأس العالم 1986 وعلى خطوة واحدة من الصعود لولا جاريكا الذي صعقهم بهدف وأضاع مجداً محققاً.

- الإعلانات -

الغريب هنا أن جاريكا المهاجم الذكي والرائع والذي قاد الأرجنتين للصعود بهدف قاتل في البيرو لم يعلب كأس العالم 1986 بسبب استبعاد بيلاردو المدير الفني للتانجو له في قرار آثار استياء الجميع في بيونس آيرس لولا فوزهم بالبطولة لقتلت الجماهير مديرهم الفني.

- الإعلانات -

لكن أيضاً وعلى ما يبدو أن جاريكا لم يكن مستهدفاً من بيرو فقط، فسبق وكشف جون فالاسكيز أحد مساعدي الكولومبي بابلو إسكوبار أشهر تجار المخدرات في التاريخ، لصحيفة «أوليه» الأرجنتينية عن استهداف الأخير قتل ريكاردو جاريكا نجم الكرة الأرجنتينية السابق والمدير الفني الحالي لمنتخب بيرو في حقبة الثمانينيات.

وأضاف مساعد إسكوبار السابق «كرة القدم مثلت أحد أهم محاور صراعات المافيا، حيث تمت العديد من عمليات خطف اللاعبين والحكام من أجل إجبارهم على المساعدة في عمليات تلاعب للاستفادة منها في المراهنات، وإسكوبار كان مشجعًا لفريق إندبيندينتي ميديين، أعلن حربًا على نادي أميركا دي كالي الذي كان جاريكا أحد أبرز نجومه، واستهدف تاجر المخدرات الشهير قتل جاريكا، حيث خطط لتفجير سيارته»، لكن على ما يبدو أن الامر لم يتم فا هو جاريكا يقود بيرو ويعوض ما فعله من جرائم كروية.

 

بعد سنوات من 1986 حتى 2018 انتظر ذلك الملعون 32 عاماً ليتحول إلى أسطورة تتحاكى بيرو عنها ويصبح بطلاً ملهماً للجميع، ذلك الأرجنتيني القاتل الأشقر صار بيروفيا قاتلاً يصعق المنافسين ووضع المنتخب الصغير على قمة الـ«كوبا» بنهائي مرتقب أمام البرازيل..

 

«لم يكفّوا عن تذكيري بالهدف منذ وصولي إلى بيرو، لكنني لم أعتبره ديناً. كنت ألعب مع الأرجنتين وفعلت ما كان علي القيام به. لم يكن أمراً شخصياً. ولكن من كان يرى أنني مدين بشيء لأحدهم، أو شيئاً من هذا القبيل، ها نحن الآن في كأس العالم. وبطبيعة الحال، لن يقولوا لي أي شيء الآن! نحظى بدعم غير مشروط وبالكثير من الحب».

ريكاردو جارسيا متحدثاً عن فترته مع منتخب بيرو

مسيرة المهاجم الأرجنتيني كمدرب قبل الوصول إلى بيرو بها نجاحات كبيرة، فهو الذي تمكن من خلق حالة فريدة في نادي فيليزسارسفيلد بالدوري الأرجنتيني محققاً أربع بطولات خلال خمس سنوات مع الفريق.، وذلك مقارنة بأسماء كبيرة في الدوري الأرجنتيني ريفربليت وبوكا جوينورز وغيرهم إنجازاً فريد، لكنه قرر ترك كل ذلك ووافق على تدريب منتخب بيرو رغم غرابة الموافقة للموقف السابق ذكره حيث كان مكروهاً بعنف هناك.

مع بداية فترته مع البيرو استخدم جاريكا عدة تشكيلات واهتم بإعداد جيل جديد يقدم كرة جميلة، فلعب
4-2-3-1 التقليدية، رباعي دفاعي صريح، مع ثنائي محوري أمامه ثلاثي هجومي، يدعمهم مهاجم الصندوق المثالي، ومن 4-2-3-1 إلى 4-4-3، بتواجد ثنائي من الأجنحة على الأطراف برفقة المهاجم، واللعب بدفاع المنطقة مع إغلاق كافة المنافذ من المنتصف، بعودة الأجنحة إلى الوسط والاكتفاء بمهاجم واحد متقدم، 4-5-1 الدفاعية التي تصبح 4-4-2 أثناء التحولات من الدفاع إلى الهجوم.

قدمت البيرو خاصة في كوبا أمريكا والتي كانت أولى انطلاقات جاريكا ومنتخبه الواعد نجو ثورة تصحيح كبيرة مستوى كبير وخطفت المركز الثالث في بطولة كوبا أمريكا لمنتخبات أمريكا الجنوبية التي تحتضنها تشيلي منذ 11 يونيو الماضي، بفوزها على الباراغواي- 2  صفر ، كما كانت قريبة من النهائي قبل أن تخسر من شيلي بهدف قاتل في الدقيقة 89 لتنتهي المباراة 2-1-.

بعد بطولة الكوبا 2015 انطلق جاريكا ليصنع المجد مع بيرو فأعادهم إلى كأس العالم الذي سبق وحرمهم منه بعد 36 عاماً لم يصعدوا للبطولة الأهم والأكبر.

وتمكن المدرب الأرجنتيني من تحقيق هذا الإنجاز العظيم الذي تعاقد على أساسه مع المنتخب البيروفي، على الرغم من أن الخطة الأولية كانت قيادة «البلانكيروخا» أو أبناء الإنكا لمونديال 2022.

وحطم منتخب بيرو مع جاريكا رقمه القياسي في عدد المباريات التي لم يُمنى خلالها بهزيمة، بواقع 15 مباراة متتالية لم يتجرع فيها طعم الخسارة، وذلك خلال فترة امتدت على مدار ما يقرب من عامينوشملت هذه السلسلة، 10 انتصارات و5 تعادلات في مباريات مختلفة بين تصفيات ووديات، إلى أن انتهت بهزيمة بيرو في مستهل مشوارها بمونديال روسيا 2018، أمام الدنمارك (0-1).

وفي النسخة الحالية من كوبا أمريكا، اجتاز منتخب بيرو للمرة الأولى في تاريخه، ركلات الترجيح في ربع النهائي أمام أوروجواي (5-4)، ليتأهل لنصف نهائي البطولة، حيث تمكن من إقصاء تشيلي والعبور للنهائي.
وكان بطل ركلات الترجيح هو حارس المنتخب البيروفي، بيدروجاييسي الذي تصدى لتسديدة لويس سواريز، الوحيد الذي أخفق في هز الشباك.

عقب الفوز بثلاثية نظيفة على تشيلي في نصف نهائي كوبا أمريكا، حصلت بيرو على بطاقة التأهل للنهائي الذي غابت عنه على مدار 44 عاما.
ويخوض منتخب بيرو، أمام البرازيل الأحد المقبل، أول نهائي له بالبطولة القارية منذ عام 1975، الذي توج فيه باللقب للمرة الثانية والأخيرة حتى الآن.

لكن تبقى قيمة ما فعلته البيرو ورجال جاريكا هي القدرة على تجاوز الهزيمة القاسية التي ناولها من البرازيليين في بداية البطولة بخماسية نظيفة نتيجة كانت كفيلة بأن تنهي مشوار الفريق لكنهم عادوا وهذه المرة في النهائي بفرصة جيدة للانتقام والتتويج.

-الإعلانات-

اترك تعليقا

قد يعجبك أيضًا