كلاسيكو الأرجنتين| بوكا جونيورز VS ريفر بليت: لا أحد ينام في بيونس آيرس

0

في الممرات الضيقة، الشوارع الصغيرة، والرئيسية، وكل شبر قد يصادفك  في «بيونس آيرس» عاصمة بلاد الفضة الأرجنتين، لن ترى عينيك أكثر من كرة القدم، مجموعات صغيرة من اللاعبين يضعون بصمتهم الخاصة في المرمى المصنوع من الحجارة، أو حتى المرمى المصنوع من عارضتين.

في «بيونس آيرس» لا صوت يعلو فوق صوت كرة القدم، مهما كانت الأزمات التي تعاني منها الأرجنيتن محبة جارفة، ورغبة عظيمة في أن يصبح ذلك الفتى الصغير لاعباً عظيماً، على جدار غرفته الصغيرة يضع صورة مارداونا، ليونيل، ميسي، كيمبس، تيفيز ريكلمي، بيلسا، باتيستوتا، لن تخلوا غرفة أو شارع من صور عمالقة كرة القدم في بلاد الفضة.

- الإعلانات -

في المدرجات لن تجد شغفاً يقارن بشغف جماهير الأرجنتين المتحمسة لفريقها ريفربليت، بوكا جوينروز، راسينغ، أندبندتنت، أرسنال أي كان ذلك النادي، ستجد مدرجاته ممتلئة، يدعمه الجميع دون توقف دون أن يقل ذلك الحماس.

- الإعلانات -

في العام 1891 كانت ملاعب الأرجنتين تستقبل أول دوري لكرة القدم لتكون بذلك أول بلد خارج بريطانيا يتم تنظيم تلك البطولة بها، ويعتبر الاتحاد الأرجنتيني من أوائل الاتحادات الوطنية التي تم تأسيسها خارج أوروبا والأول في أميركا الجنوبية.  

ريفربليت.. نادي النهر والأغنياء

من بين فصول المحبة والشغف الكروي الكبير لجماهير الأرجنتين ما كتبه التاريخ العريق للسوبر كلاسيكون بين بوكا جونيور، وريفربليت، والذي يعد من بين أهم دربيات في تاريخ كرة القدم.

بدأ ريفربليت مسيرته في عالم كرة القدم نتيجة دمج فريق سانتا روسا وفريق الهواة روساليس، واختلفت الآراء بين اختيار اسم الفريق الجديد واختار البعض اسم خوبنتود باكينسي والبعض الآخر أن يبقى الاسم الأول أو أن يطلق اسم روساليس.

وفي النهاية اقترح أحد المؤسسين، أن يكون اسم النادي «ريفر بليت» أو بالإسبانية «ريو دي لا بلاتا»، حيث أن الأرجنتين تقع على ضفاف نهر لا بلاتا، وهو الاسم الذي نال إعجاب باقي الأعضاء ويتم إنشاء النادي الجديد بهذا الاسم. وبدأ الفريق مسيرته الاحترافية في عام 1931، وقد تلقى النادي دعماً من أغنياء الأرجنتين وقتها لينتقل إلى حي نيونييز ويترك لا بوكا التي بدأ مسيرته فيها، ليطلق عليه بعدها “نادي الأغنياء” ويكون ملعبه بداية من 1938 هو المونومنتال الأكبر في تاسع أكبر ستاد في الأميركتين. 
ومر على “فريق الأغنياء” مجموعة من نجوم الكرة الذين سطروا تاريخ احد أهم فرق العالم ومنهم النجم الأرجنتيني أرييل أورتيجا والهداف التاريخي للفريق أنخل لابرونا والأوروجوائي إنزو فرانشيسكولي الهداف الأجنبي التاريخي للفريق، والفرنسي ديفيد تريزيجيه ونوربرتو ألونسو.

.. «بوكا».. حلم الفقراء

أما بوكا جونيورز فتأسس على يد ستة شباب أبناء مهاجرين إيطاليين كانوا يعملون بالقرب من حي لا بوكا، ليبدأوا المغامرة لتأسيس النادي بإمكانيات محدودة في الثالث من أبريل 1905، ولم يكونوا يعرفون أن هذا النادي سيكون ضمن أشهر أندية العالم وثالث فريق من حيث عدد البطولات، وكان هذا هو سبب تسميته بـ”نادي الفقراء”، أما اسمه فجاء لتواجده قرب حي لا بوكا.

وكان لقميص الفريق العديد من القصص ولكن معظمها غير موثق بمستندات أو صور، فتشير التقارير إلى ان الفريق بدأ مسيرته بقميص وردي وتقارير أخرى إلى أن ألوانه كانت بيضاء بخطوط رفيعة سوداء، وهي الألوان الموجودة على موقع النادي الرسمي، ولكنه نافس فريقاً آخر في مباراة يظفر الفائز خلالها بألوان القميص، ليخسر البوكا ويتخلى عن ألوانه.

وبعدها يفكر ملاك النادي في تغيير ألوان القميص، ويصل رئيس النادي وقتها، خوان رافائيل برتشيتو، لترك تلك المهمة للحظ، وأن تكون ألوان الفريق مطابقة للعلم المرفوع على أول سفينة تدخل ميناء لا بوكا، وكانت أول السفن وقتها ترفع علم السويد الأزرق والأصفر، لتصبح هي ألوان قميص الفريق الأرجنتيني، وواحدة من أفضل قمصان فرق كرة القدم، ويصبح ملعبه هو «البومبونيرا».

سنوات طويلة لم يتوقف الصراع بين الفريقين ولا بين الجماهير، في ليلة الدربي، لا يمكن أن ترى أحداً في الشوارع الجميع أمام شاشة التلفاز، أو في الاستاد، يتشاكسون ويتصارعون على أمل أن يفوز فريقهم الفضل، سنوات من الصراع بينها الطبقي بين نادي الأغنياء ريفربليت، ونادي الفقراء بوكا جونيور.

وقائع تاريخية.. لا أحد ينام في بيونس آيرس.

بعد 4 أيام سيكون العالم على موعد جديد مع نهائي بطولة كأس ليبيرتادوريس، في ملعب «بومبونيرا»، معقل نادي بوكا جونيورز فيما سيلعب لقاء العودة في الرابع والعشرين من نفس الشهر بمعقل ريفربليت.

وتصل درجة اهتمام اللاعبين الأرجنتيتن المحترفين في الخارج بالمباراة إلى دفع بعضهم للتهرب أو الحصول على إجازة من فريقه للذهاب إلى بلاده ومتابعه المباراة فمنذ يومين أصدر زينت سان بطرسبرج، بيان هاجم فيه لاعبه باراديس واتهمه بتعمد الحصول على كارت أحمر للسفر إلى بلاده ومتابعة السوبر كلاسيكو.

 لا شيء يمكن أن يُقارَن بتشجيع مواطن أرجنتيني فريقه، حتى ذاك الوصف الذي يطاردهم دائمًا «الجنون» لا يمكن أن يختصر ذلك الحبل السري الذي يربط المشجع وناديه واللاعب ببلده الأم هناك في بيونس آيرس، وفي ضواحي الأرجنيتن أكثر ما ستصادفه الأولاد في الشوارع ومباريات كرة القدم.

لهذا السبب يراود الحنين دائمًا لاعبي الأرجنتين للعودة إلى الوطن، تتسابق أقدامهم كما لو كانوا يرقصون رقصتهم الشهيرة «التانجو» في شوارع بيونس آيرس، لطالما تساءل الجميع ما الذي يدفع هؤلاء للإصرار على العودة السريعة لأوطانهم مهما حققوا من نجاحات في الخارج، مارادونا، وتيفيز، باتيستوتا. الجميع كانوا نجومًا في أوروبا وأسماؤهم ملء السمع والأبصار. 

صراع طبقي وسياسي

كان لذلك الصراع الطبقي، دوراً مهماً في الاستغلال السياسي فيما بعد، فانتبه خوان دومينيجوبيرون الذي وصل لحكم البلاد عام 1946وكان يملك شعبية جارفة بين جماهير بوكا جونيورز التي اعتادت على هتاف «بوكا وبيرون قلب واحد».

بيرون لم يكن يكتفي بحب جماهير البوكا بل حاول أيضاً الحصول على حب جميع جماهير كرة القدم عبر شعارات كـ«بيرون راعي الرياضة» و«بيرون الرياضي الأول» بيرون سيطر أيضاً على صحيفة موندو ديبورتيفو ومحرريها واستخدمها كأداة لنشر أفكاره التي كانت ترتكز على القومية والفخر الوطني (وهي الأفكار التي لطالما كان من السهل نشرها عبر كرة القدم).

هذه الأساليب قادت بيرون للفوز بفترة رئاسية ثانية بنسبة تجاوزت 62% من الأصوات وهو الفوز الأكبر في تاريخ الانتخابات الأرجنتينية. لكن بيرون لم يتمكن من انهاء فترته الثانية بعد انقلاب عسكري أدخل البلاد في فترة طويلة من الانقلابات وعدم الاستقرار انتهت بوصول ديكتاتورية عسكرية للحكم في أكثر من مناسبة أخرها، وأهمها، كان عام 1976.

الحكم العسكري برئاسة الجنرال خورخي فيديلا سارع بشن ما عٌرف بـ«الحرب القذرة»   ضد معارضيه. حيث تم إنشاء مراكز تعذيب في مختلف أنحاء البلاد، أحدها على بعد أمتار من ملعب البومبونيرا، لتعذيب المعارضين وقتلهم. عشرات ألاف المعارضين خطفوا من الشوارع و”اختفوا” دون أن تمنح عائلاتهم أي معلومات عنهم.

هذه الممارسات أثارت القلق حول العالم وكان هناك دعوات كبيرة لتدخل الأمم المتحدة لإنهاء الحكم العسكري، بينما كانت عدة اتحادات، أهمها الاتحاد الهولندي، تدرس إمكانية عدم المشاركة في البطولة. لذلك فإن فيديلا وأعوانه كانوا بحاجة ماسة لإظهار وجه مغاير للأرجنتين للعالم خلال كأس العالم 1978 الذي كانت الأرجنتين قد فازت بشرف تنظيمه قبل 12 عام.

مدارس النجوم.. أكاديميات السوبر كلاسيكو.

على مدى عشرات السنين قدم فريقا ريفر بليت وبوكا جونيورز العديد من النجوم ، نادي الأغنياء على سبيل المثال قدم كل من

ألفريد دي ستيفانو – إيستبان كامبيسو – أليكسيس سانشيز – بابلو إيمار – خافيير سافيولا: خافيير ماسكيرانو : مارتن ديميكليس: رادوميل فالكاو أندرياس داليساندرو غونزالو هيغواين وعدد أخر من اللاعبين.

أما بوكاجونيوز فقدم  دييجو أرماندو مارادونا – خوان رومان ريكيلمي – جابريال عمر باتيستوتا – كارلوس تيفيز

والتر صامويل – مارتين باليرمو – فيرناندو جاجو – إيفر بانيجا – رودريجو بالاسيو.

وهو ما يظهر التأثير الكبير للفريقين على الكرة العالمية وعلى منتخب الأرجنتين وما قدماه للكرة العالمية بشكل عام.

 

أرقام السوبر كلاسيكو بوكاجونيور وريفربليت  

1- جرت المباراة الأولى بين الفريقين في الدوري الأرجنتيني يوم 24 أغسطس عام 1913 ويومها فاز ريفر بليت بنتيجة 2-1، حين تقدم بهدفين عن طريق غارسيا وأميال برييرا، فيما سجل ماير هدف بوكا في الدقيقة 70.

-يعتبر يوم 23 يونيو 1968 أحد أسوأ لحظات هذه القمة حين شهد ملعب المونيمونتال كارثة كبيرة، إذ سقط 71 مشجعاً وأصيب 150 بعد تدافع عند البوابة رقم 12، وبحسب الأقاويل التي نشرت يومها فإن أحد جماهير بوكا ألقى بعلم ريفر بليت من المدرج مما أدى إلى التدافع، فيما يقول آخرون إن جماهير أصحاب الأرض دخلت إلى مدرج البوكا، وتؤكد فئة أخرى أن البوابة رقم 12 لم تفتح في الوقت المحدد.

-التقى الطرفان على صعيد الدوري الأرجنتيني 207 مرات، فاز بوكا في 75 مرة وخسر في 67 أخرى، بينما كان التعادل سيد الموقف في 65 مناسبة، أما ريفر بليت فسجل 262 هدفاً واهتزت شباكه 282 مرة.

-يعتبر رينالدو ميرلو من مواليد عام 1950 يبلغ من العمر 66 عاماً حالياً أكثر لاعب مشاركةً في “السوبر كلاسيكو” بـ42 مرة ولعب مع ريفر بليت، ويأتي خلفه هوغو غاتي الذي لعب للطرفين بـ38 مشاركة، أما سيلفيو مازوليني فخاض 37 مباراة بهذه القمة مرتدياً قميص بوكا.

-يحمل مهاجم ريفر بليت أنخيل لابورنا الرقم القياسي في عدد الأهداف المسجلة في مرمى الخصم التقليدي إذ أحرز اللاعب المولود عام 1918 والمتوفى سنة 1983، 16 هدفاً، فيما يأتي خلفه أوسكا ماس من ريفر أيضاً، ويعتبر باولو فالينتيم مهاجم بوكا صاحب المركز الثالث برصيد 10 أهداف.

-استطاع نادي بوكا جونيورز في 23 ديسمبر 1928 أن يحقق أكبر انتصار له على منافسه بنتيجة 6-0، فيما يعتبر فوز ريفر بليت يوم 19 أكتوبرعام 1941 الأكبر بنتيجة 5-1.

-في يوم 15 أكتوبر 1972 التقى الطرفان في مباراة تعتبر الأكثر تسجيلاً للأهداف في المواجهات بينهما، حين انتهت 5-4 لصالح ريفر بليت، وتقدم يومها ماسترانيول لريفر في الدقيقة الأولى لكن بوكا قلب النتيجة بعد ذلك 4-2، ليعود ويتلقى 3 أهداف آخرها في الدقيقة 90 عن طريق موريتي.

-الكثير من النجوم لعبوا لبوكا وريفر، كما حصل في تاريخ كلاسيكو إسبانيا بين ريال مدريد وبرشلونة، ونذكر منهم غابريال باتيستوتا الذي انتقل بعد ذلك ولعب في فيورنتينا وروما، إضافة للاعبين آخرين على غرار سيرجيو بيرتي وكلاوديو كانيجيا.

 

    

-الإعلانات-

اترك تعليقا

قد يعجبك أيضًا